
في البداية، قد يعتقد القارئ أن هذه الشخصية بسيطة، مجرد نادلة في بلدة نائية، لكن الكاتبة تفاجئنا بتطور الأحداث التي تكشف عن طابع سوكي القوي في مواجهة تلك القدرة التي من المفترض أن تكون سلاحًا في يد سوكي، لكنها تتحول إلى عبء، وهي تقرأ أفكار الآخرين بشكل مستمر.
لكن كل شيء يتغير عندما يظهر "بيل كومبتون" في حياة سوكي، مصاص دماء وسيم، طويل القامة، ذا سمعة سيئة. لكن ما يميز بيل عن بقية الشخصيات في الرواية هو أن سوكي لاتسمع أفكاره، ما يثير في ذاتها شعورًا لم تختبره من قبل: وهو أن تتسم بالفضول! و تزداد الإثارة عندما نكتشف أن بيل ليس فقط لغزًا عاطفيًا سوكي يجب أن تحله، بل هو جزء من عالم آخر تمامًا، عالم مصاصي الدماء، ذلك العالم البشع الذي يعكس العلاقة المتشابكة بين البشر والمخلوقات الأخرى.
ونبدأ في تنقلنا بين عالمين متوازيين: عالم البشر وعالم المخلوقات الخارقة. لتجد سوكي نفسها في مواجهة ليس فقط مع مصاصي الدماء، بل مع نوع جديد من العلاقات بين البشر والمخلوقات العجيبة. و تبرز التوترات المجتمعية بين البشر والمخلوقات الأخرى التي تبدأ تثير الأسئلة حول مفهوم "الآخر" وكيفية قبوله في المجتمع.
فبينما يحاول مصاصو الدماء أن يندمجوا في المجتمع البشري بعد إعلانهم عن وجودهم علنًا، تكشف الأحداث عن التوترات الاجتماعية التي تصاحب هذه المحاولات من خلال المواجهات والتحديات، فالعلاقة بين سوكي وبيل تصبح مواجهة مع الذات ومع التحديات التي يفرضها الواقع المظلم. وتصبح علاقتهما تمثل اختبارًا لحدود الثقة والقبول، ما يجعلها تفيض بالكثير من الأبعاد النفسية والعاطفية.
تكتب لنا هاريس بطريقة سريعة وسلسة، تجعلنا متشوقين لمعرفة ما سيحدث بعد ذلك، فكل فصل يحمل في طياته قدرًا كبيرًا من التشويق، والأحداث تتطور بسرعة بحيث لا نمل. ونتنقل بين الخيال والواقع ببراعة تخلق توتر دائم، يجعلنا نقلب الصفحات الواحدة تلو الأخرى بلا توقف حتى آخر لحظة.
رحلة طويلة من الأسرار والظلام، تتركك في النهاية تتساءل: ماذا يعني أن تكون إنسانًا في عالم لا مكان فيه للضعفاء؟
معلومات الكتاب :
- لطلب الكتاب : ميت حتى حلول الظلام - تشارلين هاريس
- عدد الصفحات : 486
- الناشر : دار الخان للنشر والتوزيع
- الكاتب : تشارلين هاريس