يكتب مات هيغ في كتابه ملاحظات حول كوكب متوتر عن التوتر الذي أصاب العالم أجمع عندما أصبحنا جميعاً مرتبطين بشبكة عصبية متصلة لاتنفك عن إرسال الإشارات، وليعود التوتر والقلق أكثر سماتنا المشتركة رغم مسافاتنا الفاصلة.
الكثير من العوالم المتداخلة والحيوات المختلفة أصبحت جزء من حياتنا رغم أنها لا تمت لها بصلة، بدون إرادة أو رغبة منا، وجدنا أنفسنا في عمق هذا التداخل الذي تسبب بتنامي القلق والتوتر لنا كأفراد، واستغلت الشركات هذا الارتباط الذي لم نستوعبه لتمرير حيلها التسويقية لذواتنا ولأعمق نقطة فينا، موظفة بذلك عالم الشهرة والجمال والثراء والسعة والنجاح الذي أصبحنا نراه في كل مكان ونتمنى بعضه، فبدلاً من الحيل التسويقية القديمة واشتر هذا لتحصل على هذا، أصبح هدف الشركات التسويقي الأول ينصب على تعزيز الشك والخوف وعدم الثقة في الفرد حتى يصبح بحاجة المنتج الذي يحل كل مشاكله، وعندما يقوم بشرائه يكتشف ببساطة أن الخوف والشك وعدم الثقة أصبحت أعمق، وأن الفجوة اتسعت رقعتها أكثر مما كان يتوقع.. لذا يلجأ لمنتج آخر وآخر وآخر ويصبح على بعد خطى من الاكتئاب، وفي منتصف دائرة الإستهلاكية التي أرادتك الشركات أن تبلغها.
ولم يكن النوم في معزل عن التدمير فلقد استهدف التسويق عاداتنا جميعها ليحورها بما ينفع مصالحه، فلقد أعلن المدير التنفيذي لمنصة نتفليكس في عام 2017 أن النوم هو عدو نمو نتفليكس وليست المنصات الأخرى، فعندما تنام أنت تتسبب بالركود لكل تلك المحركات الضخمة التي يعتمد عليها أصحاب المال، وإذا حظيت بقدر كافي من النوم فستصبح مصدر بلاء مزعج يجب إزاحته وتغيير سلوكياته، عندما تنام فأنت لا تتصفح ولا تشاهد ولا تقرأ ولا تعمل لذا على أحد ما أن يقنعك أنه عندما تنام سيفوتك حدث ما.
وهذا ما اعتمدت الشركات عليه، استغلال الخوف بدواخلنا من أن يفوتنا حدث ما أو شيء ما في صالح الشركات، فأصبحت تسهر حتى مابعد منتصف الليل لكيلا تفوتك الحلقة التالية من مسلسلك المفضل، وتحمرّ عيناك المحتاجة للنوم بينما أنت تستمر بتصفح منصات التواصل الإجتماعي، وبغض النظر عن الساعة التي يجب عليك أن تستقيظ بها فاليوم التالي تستمر بزيادة معدلات سهرك، أشارت الدراسات أننا في وسط أزمة نوم عالمية لأنّ المجتمعات تطالبنا كأفراد بالسهر لأوقات مختلفة، فهل سيكون التسويق هو من يتحكم بمستويات توترنا وقلقنا في ظل عيشنا في هذا الكوكب المتوتر؟
التصنيف: تطوير ذات.
لطلب الكتاب : ملاحظات حول كوكب متوتر - مات هيغ
الناشر : دار كلمات