مخيلة قاتل - خوان رينخيل
شهد المطرفي
شهد المطرفي
11 October 2024

مخيلة قاتل - خوان رينخيل

تتبع الرواية القاتل المحترف السيد (ي) في يومه الأخير، حيث يواجه عقبة غير تقليدية أمام تنفيذ آخر مهمة له، الموت نفسه. القصة تنسج خيوطًا درامية ونفسية بمهارة لتضع القارئ أمام تساؤلات وجودية عن الزمن، النهاية، والهدف.

من اللحظة الأولى، يجد القارئ نفسه في قلب الصراع النفسي للسيد (ي)، قاتل محترف جعل من القتل مهنته ومصدر قوته ووجوده. لكن هذا اليوم يختلف عن أي يوم آخر في حياته: إنه اليوم الذي سيواجه فيه نهايته، يوم موته المحتوم. السيد (ي) ليس مجرد مجرم يخطط لجريمته التالية، بل هو إنسان يعيش معضلة أخلاقية وجودية تتعلق بتوقيت الموت وإتمام المهمة الأخيرة قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.

الرواية تأخذ منحى فلسفيًا عميقًا عند التفكير في موضوع الزمن. الموت لا ينتظر أحدًا، والزمن يسير بسرعة لا يمكن إيقافها. والكاتب خوان رينخيل يجعل القارئ يشعر بالتوتر والقلق من خلال وضع بطل الرواية في سباق ضد الزمن. وأيهما سيفوز؟ لا أحد يعلم! لكن هل يمكن للسيد (ي) أن يتحدى الزمن؟ هل يمكن للإنسان أن يتلاعب بالمصير؟ هنا يتضح تأثير الفلسفة على الرواية، حيث يدخل القارئ في رحلة تأملية حول الحياة والموت وما بينهما من لحظات فارقة.

فنرى الحياة والموت كوجهي عملة واحدة، ونستكشف العلاقة الوثيقة بين الحياة والموت، حيث يصبح الموت جزءًا لا يتجزأ من مهمة السيد (ي). في اللحظة التي يخطط فيها لتنفيذ الجريمة، يواجه حقيقة أنه سيموت قريبًا، مما يجعل القارئ يتساءل: هل يمكن أن تكون الحياة ذات قيمة في مواجهة موت لا مفر منه؟ الصحيفة الإسبانية لا فانغوارديا عبرت عن هذا التساؤل حين وصفت موهبة رينخيل بأنها "تخادع القارئ لتجعله يؤمن بأن هناك إمكانية للهروب من الموت".

السيد (ي) يعيش بين عالمي الخيال والواقع، حيث يشكل خياله مصدر قوته وضعفه في آن واحد. رينخيل يعرض لنا كيف يمكن للخيال أن يتحول إلى أداة تعيد تشكيل واقع الشخصيات، وكيف يمكن لهذا الخيال أن يتحكم بمصيرهم. السيد (ي) يخلق لنفسه وهمًا يمكنه من إكمال المهمة، ولكنه يظل مسكونًا بالهروب من حقيقة موته الوشيك.

والزمن هو العدو الرئيسي للسيد (ي) ففي كل لحظة، يتحرك عقرب الساعة نحو النهاية الحتمية، مما يزيد من توتر القارئ ويجعله يشعر بأنفاس الموت تقترب. لكن الزمن في نفس الوقت هو شريك السيد (ي)، حيث يعتمد عليه لإتمام المهمة الأخيرة. هذا الصراع الداخلي بين الاستفادة من الزمن والخوف من نفاده يشكل جزءًا كبيرًا من الحبكة، مما يعمق من الأبعاد الفلسفية للرواية.

خوان رينخيل يتمتع بأسلوب سردي مليء بالتشويق والتأمل، فكل جملة تحمل في طياتها تلميحًا إلى نهاية حتمية لا مفر منها، مما يجعل القارئ يتنقل بين صفحات الكتاب بلهفة وشغف. فهو يرسم عوالم داخلية وخارجية تجعل القارئ يشعر وكأنه يعيش داخل عقل السيد (ي) وداخل مسرح الأحداث في الوقت نفسه.


"مخيلة قاتل" ليست مجرد رواية تتحدث عن قاتل مأجور، بل هي عمل أدبي فلسفي يستكشف أعماق النفس البشرية وما يواجهه الإنسان من تحديات وجودية. السيد (ي) ليس فقط قاتلاً، بل هو رمز للإنسان الذي يحاول التلاعب بمصيره والهروب من النهاية الحتمية. ومع كل صفحة، يدفعنا رينخيل للتفكير في الحياة، الموت، والزمن بطريقة جديدة وعميقة.



لطلب الكتاب : مخيلة قاتل - خوان رينخيل

الناشر : دار الخان للنشر والتوزيع‎