
تمكّنت بشرى خلفان من نقل ملامح الحياة العمانية بتفاصيلها الغنية، مما أعطاني صورة واقعية عن المجتمع العماني وتقاليده وقيمه في تلك الحقبة الزمنية. اعتمَدت على لغة بليغة ودقيقة، تمكنت بها من تقديم تفاصيل تاريخية وثقافية دقيقة تنقل تجربة حيّة تلامس القارئ كما لو كان يعيش بينهم!
أخذتني بشرى خلفان لعالم عالق بداخل الجوع والألم. حتى صار الجوع ينهشني معهم.
كل شخصية في الرواية تملك هويتها وصوتها الخاص، مما أضاف عمقاً عاطفياً رائعاً. فشعرت بالشخصيات نابضة بالحياة، وقدمت بشرى خلفان الشخصيات بصورة أشعرتني بتعاطف وتواصل دائم معها، سواء كانت شخصيات رئيسية أم ثانوية.
دلشاد هو اسم يعني صاحب القلب السعيد، وعلى الرغم من اسمه فهو لا يمتّ للحياة الذي عاشها دلشاد بصلة.
دلشاد الرجل الذي عاش يتيماً وفقيراً، في بيئة يسيطر عليها البؤس والجوع. نتتبع حياة دلشاد الحزينة والتي تبلغ أشدّ بؤسها في اللحظة التي يقرر فيها منح ابنته لبيت "لوماه" اعتقاداً منه أنهم قادرين على الاعتناء بها على عكسه.
تهتمّ الأحداث بجميع الشخصيات فتغرق بتفاصيل مشاعرهم وأفكارهم ووجهات نظرهم كما ينهشك الجوع معهم. فلا أحد منهم يعرف معنًى للشبع!
كتاب لا يمكنك الخروج من عالمه حالما تقرأه. وعلى الرغم من أنني لستُ ممن يقبلون الحوارات بلهجةٍ عاميّة، إلا أن هذا الكتاب هزّ هذا المبدأ ولم يسمح لي بتركه أبداً.
أعجبتني شخصية "با سنجور" كثيراً. وراقت لي قصة "شاه مريد وحبيبته هاني" التي حكاها. على الرغم من الحزن النابض فيها.
كما أحببت قاسم وفريده جداً.
وأخيراً هذا الكتاب هو قطعة أدبية مميزة بجمال أسلوبها ورقي لغتها.
تقييمي 5\5
- " وشعرتُ بأنه لا فرح ولا جوع ولا خوف ولا شيء في هذه الدنيا سيضحكني مرّةً أخرى "
- " لم يؤدبني أحد، بل تكفّلت بي الدروب والأزقة، وربّتني الصفعات والركلات والأيدي التي تمتدّ لتأخذ مني في كلّ مرّة شيئاً."
- " في حارتنا، كنتُ أحاول أن لا أتعارك مع أحد، فبعد كل عراك يأتي أب ليأخذ حقّ ابنه، وأحياناً كان الآباء يتعاركون فيما بينهم، ويتركون الأبناء للعب، أما من لا أب له فيبقى مسنوداً إلى الريح، مكشوفاً لا مأمن له."
- " ترى هل هذا ما يحدثه الغنى والشبع في النفوس؟ أن يتحوّل خيط الدم إلى صرّة مال، ويصير الحليب مجرّد قروشٍ تعدّ؟ "
- " فكيف يعرف الإنسان القبح والخبث والشر والكبر ويتجنبهما، إلا إن رآه ماثلاً أمامه، وجرّب طعمه الحامض الكريه، الذي يتركه في النفوس."
- " وصرتُ أجرجر قدمين ثقيلتين في هذا العالم، أمشي ولا أعرف لي جهةً أبلغها، ولا قلباً أستند إليه، ولا سقيفةً أستظلّ بها. "
- القارئة ريناد
معلومات الكتاب :
- النوع: رواية
- عدد الصفحات: 496
- المؤلف:دلشاد بشرى خلفان
- الناشر : دار تكوين
- دلشاد سيرة الجوع والشبع - بشرى خلفان